رئيس التحرير : مشعل العريفي

وثائق: بن لادن كان قلقا من زيارة زوجته لطبيب أسنان في إيران

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد-رويترز:أظهرت وثائق صودرت في غارة عام 2011 على مكان اختباء أسامة بن لادن في باكستان وأطلعت عليها رويترز أن زعماء تنظيم القاعدة كانوا يشعرون بقلق متزايد من وجود جواسيس بينهم وطائرات تجسس بدون طيار وأجهزة تتبع سرية تنقل تحركاتهم مع استمرار الحرب التي تقودها الولايات المتحدة عليهم. وقال مسؤولون بالمخابرات إن أغلب الوثائق وعددها 113 وثيقة التي عثرت عليها أجهزة المخابرات وترجمتها وأتاحتها يرجع تاريخها للفترة من 2009 إلى 2011. وتظهر الوثائق -وهي الدفعة الثانية التي يفرج عليها من الوثائق التي صودرت في الغارة منذ مايو أيار 2015- أن تنظيم القاعدة كان يبدو مصمما على مواصلة الجهاد العالمي لكن الدوائر الداخلية لقيادته في باكستان وأفغانستان كانت تتعرض لضغوط على عدة جبهات. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن غارات بطائرات بدون طيار وعمليات مكافحة إرهاب أخرى استنزفت القيادة الأصلية للقاعدة وتوجت بقتل بن لادن في غارة نفذتها قوات أمريكية يوم الثاني من مايو أيار عام 2011. وفي السنوات التالية بدا التنظيم صامدا من أفغانستان إلى شمال أفريقيا ونما منافسه تنظيم "داعش" وانتشر. وفي إحدى الوثائق أصدر بن لادن توجيهات لأعضاء في التنظيم يحتجزون رهينة أفغانيا بالتحسب لاحتمال وجود جهاز تتبع مرفق مع مبلغ الفدية. وقال بن لادن في خطاب لأحد مساعديه عرف باسم الشيخ محمود "من المهم أن تتخلص من الحقيبة التي تسلم فيها الأموال لاحتمال أن تكون تحمل شريحة تعقب." وفي إشارة فيما يبدو لطائرات أمريكية مسلحة بدون طيار تحلق في السماء قال بن لادن إنه يتعين على مفاوضيه عدم مغادرة منزلهم المستأجر في مدينة بيشاور الباكستانية "إلا في يوم غائم". ولا تحمل هذه الوثيقة تاريخا لكن الرهينة الدبلوماسي الأفغاني عبد الخالق فراحي كان محتجزا من سبتمبر أيلول 2008 إلى أواخر 2010. ويقول مسؤولون بالمخابرات الأمريكية صرح لهم بمناقشة المواد قبل نشرها إن وثيقة أخرى تظهر أن تنظيم القاعدة أعدم أربعة من المتطوعين المحتملين للاشتباه في أنهم يتجسسون عليه لكنهم اكتشفوا أنهم أبرياء على الأرجح. وورد في الرسالة غير المؤرخة وغير الموقعة "لم أقل ذلك لتبرير ما حدث... نحن في معركة مخابرات والبشر بشر ولا أحد معصوم من الخطأ." وفي 11 مايو أيار عام 2010 حث بن لادن في خطاب للرجل الثاني في التنظيم في ذلك الوقت عطية عبد الرحمن على توخي الحذر في ترتيب لقاء مع أحمد زيدان الصحفي في قناة الجزيرة الإخبارية مؤكدا على أن الولايات المتحدة ربما تتعقب تحركاته من خلال أجهزة مزروعة في معداته أو عن طريق الأقمار الصناعية. وكتب يقول "يجب أن تأخذ في الاعتبار احتمال -أيا كانت ضآلته- أن الصحفيين يمكن أن يكونوا تحت مراقبة لا يمكننا ولا يمكنهم إدراكها سواء على الأرض أو عبر الأقمار الصناعية." ضغوط متزايدة أظهرت الوثائق إنه حتى بعد تعرض تنظيم القاعدة لضغوط متزايدة كان بن لادن ومساعدوه يخططون لحملة إعلامية في الذكرى العاشرة لهجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 على نيويورك وواشنطن . فوضعوا استراتيجية دبلوماسية وأدلوا بآراء عن التغير المناخي والانهيار المالي في الولايات المتحدة. وفي خطاب غير مؤرخ موجه "للشعب الأمريكي" وبخ زعيم التنظيم أوباما لفشله في إنهاء الحرب في أفغانستان وتنبأ بدقة بفشل خطة الرئيس الأمريكي لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وفي يوم 28 ابريل نيسان عام 2011 قبل أربعة أيام من مقتله كان بن لادن يحرر رسالة كتبها عن ثورات الربيع العربي. وحث قادة التنظيم كذلك على شن المزيد من الهجمات على الولايات المتحدة. وجاء في رسالة كتبها بن لادن فيما يبدو لناصر الوحيشي زعيم فرع التنظيم في اليمن "نحتاج لتوسيع نطاق عملياتنا وتطويرها في أمريكا وألا نقصرها على تفجير الطائرات." وقال أحد المسؤولين البارزين بالمخابرات طلب عدم نشر اسمه إن بن لادن "كان مازال يفكر في خطط كبيرة نوعا ما ومازال... يحاول استعادة انتصاره في 11-9." وأضاف "لكنه كان غير مدرك للقدرات الفعلية لتنظيمه." وكشفت الوثائق الضغوط المتعلقة بإدارة الشبكات الخارجية للتنظيم ومنها تحديد القيادات القادرة وإيجاد موارد لتمويل العمليات في الخارج. وأقر أحد مساعديه الذي وقع مذكرة مؤرخة في عام 2009 بعبارة "حبيبك عطية" بمشكلات تتعلق باستبدال قائد لعمليات خارجية قائلا إن بعض أفضل المرشحين ماتوا. وكتب يقول "هناك أخوة ربما يكون أحدهم مناسبا في المستقبل ولكن ليس الآن." وعادت المخاوف من أجهزة تعقب تطفو على السطح مرارا في كتابات التنظيم. وربما كان لهذه المخاوف أساس لأن الولايات المتحدة تجري مراقبات إلكترونية مكثفة على تنظيم القاعدة وجماعات إسلامية أخرى. وكتب أبو عبد الله الحلبي -الذي عرفته الخزانة الأمريكية بأنه اسم يستخدمه محمد عبد الله حسن أبو الخير زوج ابنه بن لادن- في خطاب إلى "أخي المحترم خالد" عن اعتراض رسائل "جواسيس" في باكستان قال إنهم سيسهلون شن غارات جوية على عناصر للقاعدة عن طريق وضع شرائط أشعة تحت الحمراء على السيارات يمكن رؤيتها بمعدات الرؤية الليلية. وفي خطاب آخر كتب بن لادن موقعا بكنيته أبو عبد الله معبرا عن قلقه من زيارة زوجته لطبيب أسنان أثناء تواجدها في إيران خوفا من أن يكون قد زرع شريحة تعقب في حشو أحد ضروسها. وكتب يقول "حجم الرقيقة بطول حبة قمح وبعرض قطعة رقيقة من الشعرية." وأنهى الخطاب بهذا التوجيه "برجاء تدمير هذا الخطاب بعد قراءته." وكشفت خطابات خاصة بأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة ووثائق أخرى عن خططه لتقسيم 29 مليون دولار على الأقل من أمواله وممتلكاته بعد وفاته وأنه طلب أن تستخدم أغلب هذه الأموال في مواصلة الجهاد العالمي. وهذه الخطابات جزء من 113 وثيقة عثر عليها خلال الغارة التي شنتها القوات الخاصة الأمريكية على مخبأ بن لادن عام 2011 وانتهت بقتله. ووصف مسؤولو مخابرات أمريكيون أحد هذه الخطابات بأنه ربما يكون الوصية الأخيرة لبن لادن. وأطلعت رويترز وتلفزيون إيه.بي.سي. بشكل حصري على هذه الوثائق التي ترجمت إلى الإنجليزية من العربية ورفعت أجهزة المخابرات الأمريكية عنها صفة السرية. وكانت هذه الوثائق جزءا من دفعة ثانية من الوثائق التي عثر عليها خلال العملية ورفع عنها صفة السرية منذ مايو أيار 2015. ولم ينشر عدد كبير من هذه الوثائق بعد. وفي وثيقة كتبت بخط اليد ويعتقد مسؤولو مخابرات أمريكيون أن بن لادن كتبها في أواخر التسعينيات شرح بن لادن رغبته في كيفية توزيع نحو 29 مليون دولار كانت لديه في السودان. وأوصى بتخصيص واحد بالمئة من المبلغ لمحفوظ ولد الوليد وهو مسؤول كبير في تنظيم القاعدة كان يلقب باسم أبو حفص الموريتاني. وقال بن لادن في خطابه إن ولد الوليد حصل بالفعل على ما يتراوح بين 20 و30 ألف دولار من هذا المبلغ وإنه وعده بمكافأته إذا حصل على المبلغ من الحكومة السودانية. وعاش بن لادن في السودان كضيف رسمي لمدة خمس سنوات حتى طلب منه مغادرة البلاد في مايو أيار 1996 تحت ضغوط من الولايات المتحدة. وتحتوي الوثيقة على وصية أخرى بتخصيص واحد بالمئة من المبلغ لمساعد آخر وهو المهندس أبو إبراهيم العراقي لما قدمه من مساعدة لتأسيس أول شركة لبن لادن في السودان والتي تعرف باسم شركة وادي العقيق. وحث بن لادن أقاربه المقربين على استخدم ما تبقى من أموال له في السودان في دعم الجهاد. وحدد حصصا من المال والذهب لتوزيعها على أمه وأحد أبنائه وإحدى بناته وأحد أعمامه وأبناء عمه وخالاته.

arrow up